أخبار لبنانية مهمة: لبنان دولة نفطية اليوم؟

التنقيب في 2019 وحصة الدولة من 50 إلى 70%
تبدو جلسة مجلس الوزراء غداً واعدة، في ظلّ الأجواء الإيجابية التي تعبّر عنها القوى السياسية حيال الملف النفطي واحتمال دخول لبنان «نادي الدول النفطية»، رغم أن بعض المصادر تبدو أقلّ تفاؤلاً لناحية إقرار الجلسة العروض التي توصّل إليها الوزير سيزار أبي خليل مع ائتلاف شركات دولية لمزيد من البحث

يفترض أن ينعكس الاستقرار السياسي الذي بدأت تعيشه البلاد والأجواء الإيجابية التي تعمّمها غالبية القوى السياسية، حول ضرورة تسريع الخطوات في ملفّ النفط والغاز، على جلسة مجلس الوزراء غداً. وفيما أكدت مصادر بارزة في التيار الوطني الحر لـ«الأخبار» أن «الأمور منتهية، ولا نعتقد بأن أحداً يريد أن يقف في وجه دخول لبنان عصر الاستقلال المالي»، إلّا أن بعض التجاذب لا يزال يسيطر على إدارة الملفّ.

وفي هذا السياق، شهدت جلسة اللجان النيابية المشتركة أمس واحداً من فصول التنازع حول اختصاص مجلس النواب أو الحكومة في إعداد القوانين ومناقشتها، بما جعل الصورة مشوّشة بعض الشيء حول ما إذا كان مجلس الوزراء سيتمكن غداً من نقاش العروض التي توصّل إليها الوزير سيزار أبي خليل مع ائتلاف الشركات في ما خصّ التنقيب عن الغاز في الحقلين 4 و9، كما ورد في البند 46 من جدول أعمال مجلس الوزراء.
مصادر التيار الوطني الحر شدّدت على أن «الملف بات متفقاً عليه مالياً وسياسياً بين كل الأطراف، وائتلاف الشركات («توتال» الفرنسية و«ايني» الايطالية» و«نوفاتيك» الروسية) قدّم أسعاراً جيدة». واستبعدت أن يؤثر النقاش حول الصندوق السيادي وغيره من القوانين النفطية على سير الأمور جيداً في جلسة مجلس الوزراء، «لأن لدينا متسعاً كبيراً من الوقت للبحث في هذه الأمور… والمهم الآن أن يبدأ العمل بعدما تأخرنا كثيراً».

جريصاتي بعد اجتماع التكتل: لبنان عاد الى خريطة العالم والفضل يعود إلىرئيس البلاد وتحرك باسيل في أكثر من محور
 وطنية – عقد تكتل “الإصلاح والتغيير” اجتماعه الأسبوعي برئاسة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وبحث في التطورات الأخيرة.

بعد الاجتماع، تحدث وزير العدل سليم جريصاتي فقال: “عقد التكتل اجتماعه في مركزه في سن الفيل، حيث تم التطرق إلى جدول أعمال مؤلف من بنود عدة، أهمها قضية القدس كما تنتظرون، وذلك بانتظار كلمة فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والتي سيلقيها غدا في اسطنبول في الاجتماع المخصص للقدس”.

أضاف: “توقف التكتل مطولا عند المداخلة النوعية لرئيس التيار وزير الخارجية جبران باسيل في القاهرة في معرض الاجتماع غير العادي لوزراء خارجية جامعة الدول العربية للبحث في موضوع القدس، نتيجة إعلان الرئيس الأميركي أحادية القدس عاصمة لإسرائيل، فشرح رئيس المكتب خلفية الكلمة ومضمونها والمدخل العملي لما جاء فيها، وعقب أعضاء التكتل بمداخلات هي مقاربات موضوعية للكلمة المحورية التي تقطع الشك باليقين بأن تكتلنا وتيارنا من طينة وطنية مشرفة وقومية عربية صافية. عناوين كثيرة تناولها لب الخطاب الذي ترجمه الوزير باسيل إلى تدابير عملية في كتاب تقدم به إلى مجلس الوزراء، كما وعد في كلمته ب القاهرة. تلك التدابير التي انطلقت مبادرتها من لبنان وفي لبنان وتم اخراجها الى حيز الوجود في المجموعة العربية التي نحثها على الاقتداء بما فعل وزير الخارجية والتحرك معا في سبيل القضية العربية المركزية التي هي فلسطين الدولة المكتملة العضوية في الأمم المتحدة وعاصمتها القدس الشريف”.

وتابع: “نعم، قال رئيس التكتل لمبادرة السلام العربية التي صدرت عن قمة بيروت من دون انتقائية، الأرض وليس القدس مقابل السلام وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين من دول اللجوء إلى فلسطين حق محوري وملازم، وإن أي قرار أحادي بفرض القدس عاصمة لإسرائيل يناقض الشرعية الدولية المتمثلة أساسا بقرارات الأمم المتحدة من الجمعية العمومية ومجلس الأمن، فضلا عن قرارات صدرت من اليونيسكو ومحكمة العدل الدولية في لاهاي، تلبية للشرعية الدولية التي تم قتلها بالقرار الرئاسي الأميركي الأحادي الجانب”.

وأكد جريصاتي أن “التكتل وعموده الفقري التيار الوطني الحر، هما على ما كانا عليه دوما على خطى الرئيس المؤسس من دعاة الميثاق والدستور والانتماء والهوية العربية التي حسمها ميثاقنا وأعاد التذكير بها وزير الخارجية رئيس التكتل والتيار”، وقال: “نحن لم نتغير، بل تغيرت النظرة إلينا بعد ان اصبحنا وازنين في السلطة، فأنجزنا ما أنجزناه في السنة الاولى من عهد الرئيس القوي، الذي ساوانا بسوانا في سبيل مشروع انهاض الدولة المركزية القوية على ما ورد في الميثاق”.

وتابع: “إن موقف رئيس التكتل في القاهرة يحاكي موقفه مع مجموعة الدعم في باريس، حيث كان الموقف اللبناني عموما متماسكا برئاسة دولة رئيس الحكومة الاستاذ سعد الحريري والمحصلة ايجابية ومقبولة. نعم، نحن نحرص، في ظل أزمة النزوح والتحديات الاخرى، على أن يقف المجتمع الدولي أكثر من متفرج علينا، وأن يساهم مساهمة فعالة في حل المعضلات التي تشكل تحديات اساسية لنا”.

وأردف جريصاتي: “لقد انتقلنا الى البند الثاني، وهو العمل الحكومي المزخم والمنتج، والمطلوب انجاز الملفات المتراكمة او المؤجلة بسرعة وزخم وفعالية، كما شدد رئيس التكتل. الموازنة طبعا، موازنة سنة 2018 والموازنات الملحقة والنفط، التنقيب والاستكشاف وتفويض الوزير بتوقيع العقود تمهيدا لنقل لبنان من ضفة الى أخرى على الصعيدين الاقتصادي والمالي بمجرد التوقيع وبمجرد بدء عمليات التنقيب والاستكشاف في البلوكين 4 و9 اللذين ثبت بالاستكشاف الثلاثي البعد الذي جرى انهما يحتويان على كميات كبيرة من الغاز”.

وختم: “طبعا، هناك ملفات إنمائية وإدارية سنتصدى لها وجدول أعمال الجلسة المقبلة يوم الخميس في القصر الجمهوري، هو جدول زاخر بالمواضيع التي سيتناولها مجلس الوزراء. كما يجب عليه ان يتناول ايضا تلك المقاربة، التي سيتقدم بها معالي وزير الخارجية الى مجلس الوزراء بموضوع القدس، علنا نخرج معا بتدابير عملية موحدة نعرضها على مجتمعنا العربي، على امة العرب، التي نتمنى ان تتوحد من جديد على القضية المركزية. كما نعرضها ايضا على الاتحاد الاوروبي والعالم. ان لبنان عاد الى خريطة العالم في سنة واحدة، وهذا الفضل يعود الى رئيس البلاد، وطبعا الى تحرك رئيس التكتل في أكثر من محور”.
*************************************************************************************

حلفاء الحريري… «مكسر عصا»؟
هجوم الحريري على حلفائه سيكون مكلفاً عليه محلياً وسعودياً (دالاتي ونهرا)
قبل أن يعود الرئيس سعد الحريري الى بيروت، بدأ هو وفريقه توجيه انتقادات. تارةً الى القوات اللبنانية، وطوراً إلى حزب الكتائب وإلى النائب السابق فارس سعيد، محاولاً تحميلهم مسؤولية ما حصل معه في الرياض
على أي قاعدة يمكن الأحزابَ والشخصيات التي هدد رئيس الحكومة سعد الحريري بـفضحها والتشهير بها أن تتعامل معه؟ هل هو الحريري الذي أطل في السعودية ليحمّل حزب الله المسؤولية عن استقالته، أو الحريري الذي شكا للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كيفية تعامل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان معه في الرياض، أو ذاك الذي أطل في قصر بعبدا وبيت الوسط بلغة مختلفة تماماً واتهامات يسوقها وفريقه منذ عودته الى بيروت ضد حلفاء الأمس؟ أو تتعامل مع الحريري الذي سبق أن زار دمشق أو ذلك الذي أخرجه حلفاء اليوم من الحكومة وهو في واشنطن؟
قد تكون من أشد المفارقات التي شهدها مسار الحريري السياسي منذ تسلمه خلافة والده وزعامة تيار المستقبل ورئاسة الحكومة، أنه كلما ضاقت سبل التسويات السياسية ووقع في مأزق، لا يجد أمامه سوى الأحزاب المسيحية ليرتدّ عليها. فهو رغم كل أزماته مع حزب الله، ظل يحاول الإبقاء على «شعرة معاوية» معه، ويبقي الاجتماعات التنسيقية متواصلة. وظل يشيد بحكمة الرئيس نبيه بري، ويعطي لرئيس الحزب التقدمي النائب وليد جنبلاط أعذاراً مخففة حين يختلفان إقليمياً ومحلياً. لكنه حافظ على مبدأ واحد مع القوى السياسية المسيحية، يختلف معها حين تصبح مصلحته السياسية فوق كل اعتبار:
في السابق، وبعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، هاجم ومجموعته ــ سياسياً وإعلامياً ــ تيار المردة، قبل أن يقرر لاحقاً ترشيح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، محاولاً إيجاد صياغة تسوية تعيده الى الحكومة.
جاء الحدثة السعودي في 4 تشرين الأول ليحدد خيارات
أخرى للحريري
وارتد على التيار الوطني الحر، الذي حفلت أدبياتهما معاً بهجومات متبادلة إعلامية وسياسية، فكان «سعد الدين الحريري» بالنسبة الى التيار الذي وُصف رئيسه حينها العماد ميشال عون بأبشع النعوت من جانب أقلام المستقبل السياسيين والإعلاميين.
وبعده، شن هجوماً على القوات اللبنانية حين أيدت مشروع اللقاء الأرثوذكسي لقانون الانتخابات، وبدل أن تُرفع صور رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في قواعد المستقبل كما حصل حين أجريت الانتخابات النيابية، تعرض جعجع لأعنف حملة من المستقبل، قبل أن تنسحب القوات من اتفاق بكركي لمصلحة مشروع قانون انتخابي مشترك بين المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي. لكن الحريري ظل على معارضته للقوات، موجهاً انتقاداته لجعجع كلما لاحت الفرصة له، كما حصل في احتفال 14 شباط عام 2016.
لاحقاً، صار الخصم حزب الكتائب وبات الحريري الذي كان يعتبر الراحل بيار الجميل شقيقه الذي استشهد، يهاجم رئيس الحزب سامي الجميل، ويخرج من قاعة مجلس النواب حين يتحدث الأخير.
منذ سنة، صاغ الحريري اتفاقاً مع التيار الوطني الحر. وبوصفه حليفاً لأكبر كتلة نيابية مسيحية (تكتل التغيير والإصلاح)، وحليفاً لرئيس الجمهورية الممثل الأول للمسيحيين، صار في اعتقاد الحريري أنه قادر على أن يتخلى عن جميع القوى السياسية المسيحية الأخرى. واستند في ذلك الى معارضة الكتائب للتسوية الرئاسية وعدم انضمامها الى الحكومة، ومعارضة جعجع للتسويات التي تتم بين الحريري ومستشاره نادر الحريري مع الوزير جبران باسيل، على حساب القوات فانقلب عليهما: على الكتائب بسرعة قياسية وعلى القوات تدريجاً ومواربة، تاركاً هامشاً واسعاً لعلاقته مع تيار المردة، المختلف مع رئيس الجمهورية وله ملاحظات كثيرة على أداء باسيل، لكن «يشفع» له عند الحريري أنه قريب من حزب الله.
جاء الحدث السعودي في 4 تشرين الأول، ليحدد خيارات أخرى للحريري، الذي عاد الى بيروت ساحباً توقيعه عن كل ما قاله في الرياض. وبدلاً من استكمال هجومه على حزب الله، شن هجوماً بواسطة فريقه وإعلامييه، علناً وفي صالوناتهم السياسية، على القوات اللبنانية والكتائب والنائب السابق فارس سعيد. ما يقوله هؤلاء عن الأطراف الثلاثة في هذه اللقاءات، لم يقله تيار المستقبل عن خصمه حزب الله في 7 أيار ولا عن العماد ميشال عون حين قال إنه قطع له تذكرة ذهاب من دون عودة الى لبنان.
قد تكون الشجاعة التي تحلى بها الحريري منذ عودته من الرياض لكشف من انقلب عليه من بيروت وشكاه لدى السعوديين، مطلوبة حين كان في الرياض. وهو حتى الآن لم يُظهر منها إلا وجهاً واحداً: التصويب قبل صياغته حلفاً انتخابياً مشتركاً مع التيار الوطني الحر وبري وجنبلاط وحزب الله (والمردة؟)، على الكتائب والقوات وسعيد، علماً بأن هذا الهجوم سيكون مكلفاً عليه محلياً وسعودياً، ولو أنه تفادى مطب إبعاد القوات عن الحكومة. وإذا كان حلفه السياسي مع عون قائماً باستمرار الصيغة القائمة حالياً، فلعل نعمة النفط والغاز والانتخابات، بأقل كلفة مالية ممكنة، ستعوض عليه تحالفاته السياسية التي رفعته بعد عام 2005 من مجرد رجل أعمال الى زعيم سياسي، ليعود بعد 12 عاماً رجل أعمال يحاول فقط تعويض ما خسره في السعودية.
هيام القصيفيالاخبار

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن