أي مستقبل ينتظر مشاريع “اقتصاد المشاركة” في ظل التحديات؟

يعد اقتصاد المشاركة شكلاً من أشكال الممارسة التعاونية بين أفراد المجتمع، من خلال التشارك فيما بينهم في الموارد الاقتصادية والقدرات المختلفة، بهدف الحد من استنزاف الموارد خاصة غير المستغلة.

فكيف يعمل هذا النمط من التعاون؟ وما تأثيره على الأسواق والمستهلكين؟ وإلى أي مدى تتأثر مشاريع اقتصاد المشاركة بالأوضاع الاقتصادية الخانقة وحالة الضبابية التي تلف المشهد الاقتصادي العالمي؟

اقتصاد المشاركة أو الاقتصاد التشاركي، هو نموذج اقتصادي يعتمد على مشاركة الموارد والخدمات بين الأفراد من خلال منصات رقمية بشكل خاص، يهدف إلى تحقيق استفادة أكبر من الموارد المتاحة من خلال تحسين الاستغلال وتقديم خدمات ملائمة للمستهلكين بشكل أكثر فاعلية.

ويمكن اقتصاد المشاركة للمستهلكين الوصول إلى مجموعة متنوعة من الخدمات والمنتجات بشكل أكثر اقتصادية وملائمة، كما يمكنهم من الاستفادة من الموارد المتاحة بشكل أفضل وتقليل التكاليف والتواصل بسهولة من خلال منصات رقمية مبتكرة.

في أيلول/سبتمبر 2023، سيحدد المجتمع الدولي منتصف الطريق في تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030، ويبحث عن طرق لتسريع التقدم المحرز في جدول أعمال التنمية المستدامة. وبالتالي، فهي لحظة رئيسية حقيقية لإظهار بوضوح شديد مساهمة التعاونيات في تحفيز الإجراءات التحويلية والمتسارعة نحو عالم أكثر شمولاً وقدرة على الصمود بحلول عام 2030.

ونظرًا لإن الحركة التعاونية هي واحدة من أقدم وأكبر شبكات الأعمال في العالم، فقد كانت أول مجموعة من الشركات في العالم لتزكية أهداف التنمية المستدامة، واُعترف بها شريكا في تحقيق هذه الأهداف.

معلومات أساسية
يُعرف للتعاونيات أهميتها بوصفها رابطات ومؤسسات، يستطيع المواطنون من خلالها تحسين حياتهم فعلاً، فيما يساهمون في النهوض بمجتمعهم وأمتهم اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً. وبات من المُسلَم به أنها واحدة من الأطراف المؤثرة المتميزة والرئيسية في الشؤون الوطنية والدولية.

كما بات من المُسلَم به كذلك أن الحركة التعاونية تتسم بقدر كبير من الديمقراطية، وبأنها مستقلة محلياً ولكنها متكاملة دولياً، وبأنها شكل من أشكال تنظيم الرابطات والمؤسسات يعتمد المواطنون أنفسهم، من خلاله، على العون الذاتي وعلى مسؤوليتهم الذاتية في تحقيق غايات لا تشمل أهدافاً اقتصادية فسحب ولكن تشمل أيضا أهدافاً اجتماعية وبيئية، من قبيل القضاء على الفقر، وكفالة العمالة المنتجة وتشجيع الاندماج الاجتماعي.

تتيح العضوية المفتوحة للتعاونيات إمكانية تكوين ثروة والقضاء على الفقر. وينتج ذلك عن المبدأ التعاون المتصل بالمشاركة الاقتصادية للأعضاء، حيث يسهم الأعضاء اسهاما متساويا ومنصفا وديمقراطيا في التحكم برأس مال التعاونية. ولإن التعاونيات ترتكز على المحور الإنساني وليس المحور المادي ، فإنها لا تعمد ولا تُسرع مسألة تكدس رأس المال، بل إنها تعمد إلى توزيع الثروة توزيعا أعدل.

كما تعزز التعاونيات كذلك المساواة في خارج إطارها، حيث أنها قائمة على فكرة المجتمع ، فهي بالتالي ملتزمة بالتنمية المستدامة لمجتمعاتها في المجالات البيئية والاجتماعية والاقتصادية. ويثبت هذا الالتزام نفسه في دعم الأنشطة المجتمعية، وتوفير المصادر المحلية للإمدادات، مما يعود بالنفع على الاقتصاد المحلي، فضلا هم دعمها عملية اتخاذ القرارات التي تراعي الأثر على مجتمعاتها المحلية.

وعلى الرغم من تركيز التعاونيات على المجتمع المحلي، فإنها تتطلع كذلك إلى تعم منافع نموذجها الاقتصادي والاجتماعي جميع الناس في العالم. وينبغي أن تُحكم العولمة من خلال مجموعة من القيم مثل قيم الحركة التعاونية؛ وإلا فإنها ستسبب في مزيد من التفاوت والتجاوزات، التي تجعلها — العوملة — نموذجا غير مستدام.