
الرئيس ميشال عون لبنان يدفع غاليا فاتورة استضافة اللاجئين السوريين وطالب الأمم المتحدة بتنظيم العودة الفورية للاجئين السوريين من بلاده خلال زيارته للعاصمة الفرنسية مؤخرا.
وقال في هذا الصدد “لا نريد انتظار عودتهم الطوعية، فهم لا يحملون صفة اللاجئين السياسيين في لبنان، بل هم أشخاص هربوا فقط من ويلات الحرب في بلادهم”.
كما أشار إلى أن “اللاجئين السوريين في لبنان يعيشون في ظروف بائسة وأوضاع صحية سيئة على الرغم من المساعدات التي تحاول لبنان والأمم المتحدة توفيرها لهم”.
و أدى تدفق اللاجئين السوريين في لبنان الى تداعيات خطيرة أثرت سلبا على الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية في بلد احتضنهم لكنه يدفع الان فاتورة ترحيبه بهم وفقا لخبراء.
واعتبر مراقبون ان ملفّ النازحين السوريين من أخطر ما تعرّض له الشعب اللبناني في تاريخه.
وبدأت تظهر التداعيات في مختلف الأصعدة بعدما استضاف لبنان حتى اليوم أكثر من مليون نازح سوري فيما لم تضع الحكومة سياسة واضحة تتعلق بطريقة إدارة ملفّهم الشائك والمعقد نسبة الى زيادة عددهم وصغر البلد الذي يحتضنهم وقلة امكانياته المادية.
أطفال لا يتعلمون بل يعملون
كشف المسؤول الإعلامي في منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” في لبنان سلام الجنابي أن ما يقارب الـ160 ألف طفل لاجئ سوري في لبنان دون تعليم.
قال الجنابي: “حسب أرقام مفوضية اللاجئين في لبنان هناك حوالي 400 إلى 450 ألف طفل لاجئ سوري مسجلين في لبنان، ولكن هناك عائلات وأطفال غير مسجلين، لذا فالرقم هو أكبر من ذلك، من ضمن هؤلاء بحدود الـ350 إلى 400 ألف الذين هم في عمر المدارس، خلال العام الماضي تم تسجيل حوالي 260 ألف طفل لبناني و195 طفل غير لبناني (سوري) في المدارس الرسمية اللبنانية، لكن ما يقارب 75 ألف طفل فوق عمر الـ15 و80 ألف طفل تحت عمر الـ15، أي ما يقارب 160 ألف طفل من اللاجئين السوريين غير مسجلين في المدارس”.
وأكد الجانبي أن العائق الاقتصادي هو السبب الرئيسي الذي يمنع أطفال اللاجئين السوريين من التعلم باعتبارهم المصدر الأساسي لدخل العائلة”.
واضاف “مع الأسف نرى أطفالا بعمر 6 و7 و10 سنوات مضطرين للعمل لفترات طويلة لمساعدة أهلهم في توفير الدخل للعائلة، والسبب الثاني هو اختلاف المناهج اللبنانية عن نظيرتها السورية من حيث اللغة الاساسية المعتمدة، اذا ن العربية هي اللغة الطاغية على المدارس السورية في حين ان الفرنسية لها مكانة مهمة في مناهج التعليم اللبنانية”.
وشدد الجانبي على دور وزارة التربية اللبنانية في توفير حق التعليم لأطفال اللاجئين السوريين.
واعتبر ان المدارس الرسمية في لبنان تستوعب 350 ألف طفل، وازدياد عددهم مع الوقت شكل ضغطا كبيرا عليها.
وتسعى المدارس اللبنانية الى معالجة الوضع من خلال فتح 300 مدرسة بدوام بعد الظهر لاستيعاب اكبر عدد من اطفال اللاجئين السوريين.
وتسعى منظمات المجتمع الدولي الى توفير التعليم المجاني لجميع الأطفال في لبنان بغض النظر عن جنسيتهم.
جرائم هزت الرأي العام
اشارت احدى المنظمات الدولية الى ان 40 بالمئةً من السجناء في لبنان هم من السوريين.
وهزت مؤخرا جريمة اقترفها سوري الجنسية الراي العام في لبنان، ويبلغ عدد الموقوفين في السجون اللبنانية 16068 موقوف.
ويدق خبراء ناقوس الخطر من استفحال الجريمة وتدهور اوضاع السجون وسوء بنيتها التحتية وتحملها لاكثر من طاقة استيعابها.
اليد العاملة السورية تتمدد في لبنان
تفيد تقارير ان اليد العاملة السورية استولت على وظائف لبنانيين مما ادى الى ازدياد نسبة معدل البطالة في صفوفهم الى 30 في المئة.
ويعمل في قطاع البناء نحو 350 الفا وفِي الزراعة 400 الف منهم، كما تم في البقاع افتتاح 380 مطعما لسوريين.
وتراجع النمو 9 بالمئة، كما بلغ عدد العاملين السوريين الذين تفوق أعمارهم 15 عاما 930 الف، وانخفضت الاستثمارات الأجنبية نحو 45 بالمئة.
وجاء في تقرير حكومي ان عدد النازحين يشكل 40 بالمئةً من عدد السكان من دون احتساب الولادات.
ولفت خبراء الى تحول ميزان المدفوعات من 3 مليارات دولار الى عجز يقارب مليار ونصف مليار، في ما بلغت التكلفة المالية لتداعيات الازمة السورية على الخدمات العامة 650 مليون دولار، واستهلك النازحون خلال العام الجاري 680 ميغاوات كهرباء.
كما تسببت أزمة النازحين في ازمة سير بنسبة 40 الى 50 بالمئة.
الكنيسة على الخط
وقال البطريرك الماروني في لبنان، مار بشارة بطرس الراعي، إن “اللاجئين السوريين ينافسون اللبنانيين في لقمة عيشهم”.
واضاف بطرس الراعي “لا يمكننا أن نهجر شعبنا، لأننا نقوم بعمل خير مع إخوتنا”، في إشارة إلى تسبب السوريين بتفاقم مشكلة البطالة في البلاد.
وشدد رجل الدين على أنه لا يمكن انتظار الدول لتأمين عودة اللاجئين إلى بلادهم.
ولفت إلى أن “مساحة سوريا أكبر من مساحة لبنان 18 مرة، ولا يمكننا انتظار همة الدول لحل هذه المشكلة، فهذه الدول لا تهتم إلا بمشاريعها السياسية”.
وأضاف: “علينا العمل معا لتسهيل عودتهم لبيوتهم، لا حقدا ولا بغضا، ففضلا عن الاقتصاد المرهق الذي نعاني منه، هناك الفلتان الأمني والاعتداءات والسرقات التي تهز بلدنا”.
وكان البطريرك خاطب الرئيس اللبناني بالقول “يرجو اللبنانيون من فخامتكم تصويب مسار عودتهم الأكيدة إلى بلدهم (سوريا)، بعيداً عن الخلافات السياسية التي تعرقل الحلول المرجوّة”.
وحذر من أن “مليوني لاجئ ونازح ينتزعون لقمة العيش من فمه (الشعب اللبناني)، ويرمونه في حالة الفقر والحرمان، ويدفعون بأجيالنا الجديدة الى الهجرة”.
واثارت تصريحات بطرس الراعي موجة من الجدل.
قم بكتابة اول تعليق