
Tyyar.org21/07/023
لم يتعب تحالف المصارف ومنظومة التسعينات لا من سلب أموال اللبنانيين فحسب، بل هم يريدون سلب مستقبلهم ومستقبل أجيالهم، خدمة لقلة من المحظيين وأصحاب الثروات الهائلة. فمنذ العام 2019 والمشاريع الإصلاحية تتوالى، وفي مقابلها إما إجهاض الجذري منها، أو التلاعب بالكلمات والنصوص لابتداع خطط تؤدي إلى تحميل الخسائر المالية للطبقات الفقيرة والمتوسطة.
آخر هذه المشاريع ما أعدّه رئيس مجلس شورى الدولة فادي الياس وقدمه لرئيس مجلس النواب نبيه بري، بالتقاطع مع رئيس لجنة الإدارة والعدل جورج عدوان.
وبين الوقائع والأسئلة، يثير ما سُمّي “اقتراح قانون يرمي إلى حماية الودائع المصرفية المشروعة وإعادتها إلى أصحابها”، القلق والإستغراب. أول الأسئلة هو عن علاقة قاض يرأس مجلس شورى الدولة، بقضية مالية يتبرع هو أو بطلب من نافذين، لإعداد مشروع بشأنها، بما يتجاوز اختصاصَه وعمله؟
السؤال الثاني والأهم، وبحسب أوساط مالية واقتصادية متابعة، عن مصير خطة حكومة نجيب ميقاتي التي أعدها نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي للإصلاح المالي ومعالجة الودائع. ومع العلم أن المنظومة المصرفية متربصة بخطة الشامي، إلا أن السؤال هو عن جدواها ومصيرها طالما أن اقتراح قانون الياس يدفنها، وبالتالي هذا ما يزيد من الشبهات حول تمرير الإرتكابات طالما تم تجاوز المؤسسات الدستورية إلى بدع وخطط جديدة.
وفي متن الإقتراح، الخطورة والجريمة بحد ذاتهما. ذلك أن هذا الإقتراح بمثابة “عفى الله عما مضى” مع عدم تطبيق السرية المصرفية لمعرفة مصدر الودائع التي التي تبلغ عشرات وربما مئات ملايين الدولارات، وهذه نقطة جوهرية في الصراع بين المجتمع اللبناني والطفيليين والمنظومة الحاكمة، بما يعني تبرئة المجرمين الذين أقدموا على سلب أموال اللبنانيين. كما أن الإقتراح يركز على رهن أملاك الدولة التي هي ملك الشعب اللبناني بالإضافة إلى الثروة الغازية، لرد الودائع في شكل شامل من دون التمييز بين الودائع الصغرى وتلك الكبرى من دون سقف وذات المصدر المجهول. وفي هذا الإطار، شددت مصادر مالية لtayyar.org على أنه في نظام اقتصادي حر لا يمكن التعويض على استثمارات في المصارف بقيمة عشرات ومئات الملايين من الدولارات، علماً أنه وبحسب هذه المصادر لا يمكن تعويض كل الخسائر التي تناهز ال70 مليار دولار أي بما يعادل الناتج الوطني المحلي لنحو أربع سنوات!
إلى ذلك، يستعيد هذا الإقتراح سردية المنظومة المستمرة والتي تربطها بتعويذة “رد الودائع”، لجهة تحميل الخسائر للدولة وحدها، في الوقت الذي تستثني فيه أطراف المنظومة الآخرين وتحديداً مصرف لبنان، والمصارف… فأي إصلاح يرتجى طالما أبعدنا المصارف وإدارة رياض سلامة عن المسؤولية؟
على خط موازٍ، تشير المصادر المالية إلى أن هذا الإقتراح وفي المادة 29 يتحدث عن رد الودائع حتى سقف خمسين ألف دولار لمجموعة حسابات وليس لحساب واحد، إما نقداً أو بالليرة اللبنانية وفق سعر السوق في فترة لا تتعدَّى السنوات الخمسة، وتذكّر بأنَّ خطة حكومة ميقاتي كانت نصَّت على إعادة الودائع بسقف مئة ألف دولار، في الوقت الذي كانت خطة حكومة حسان دياب الإصلاحية تضمنت إعادة الودائع حتى سقف 500 ألف دولار!