
آخر تحديث:29.10.2017 | 19:20 GMT رصد أخبار العالم
أكد رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، أن ما حدث ليلة 16 أكتوبر/تشرين الأول خيانة قومية عظمى، في إشارة إلى انسحاب بعض القوات الكردية من كركوك.
واعتبر بارزاني في خطاب وجهه اليوم وخلفه العلمين العراقي والكردستاني، أن الحكومة المركزية في بغداد اتخذت من الاستفتاء ذريعة لمهاجمة الإقليم.
برلمان كردستان يصادق على مشروع قانون توزيع سلطات رئاسة الإقليم
وقال في الخطاب عقب قراره نقل صلاحيات منصبه الرئاسي إلى حكومة وبرلمان الإقليم: “القوات الكردية انسحبت من بعض المواقع في المناطق المتنازع عليها كي لا تسيل الدماء ولكن ذلك أصاب بغداد بالغرور”.. “البيشمركة حاولت تفادي المواجهة لكن قوات الحشد الشعبي دفعتها للقتال”.
ورأى بارزاني أن القوات العراقية كانت ستهاجم الإقليم والمناطق المتنازع عليها، حتى لو لم يجر الإقليم الاستفتاء، مشددا على أن “الدستور لا ينص على استخدام القوة ضدنا”.. “الاستفتاء هدف لعلاج المشاكل”.. “حاولنا كثيرا من أجل العودة للدستور العراقي لكن دون فائدة”.
وأكد الزعيم الكردي أن الأكراد حاولوا كثيرا تطبيق بنود الدستور بلا فائدة، مشيرا إلى أن رد الفعل على إجراء الاستفتاء كان غير متوقع، وأن “الشعب الكردي لا صديق له غير جبال كردستان”.
واعتبر أن الولايات المتحدة وقفت متفرجة فقط خلال الأحداث بعد الاستفتاء، متسائلا: “إنْ كانت هناك خطة لمعاقبة كردستان!”، منتقدا الولايات المتحدة لسماحها باستخدام الحشد الشعبي لدبابات أبرامز، التي أمدت بها القوات العراقية لقتال تنظيم “داعش”، ضد الأكراد.
وقال: “بدون مساعدة البيشمركة ما كان للقوات العراقية أن تحرر الموصل من داعش بمفردها”.
وأعلن بارزاني أنه سيستمر في الكفاح، رغم تنحيه من كرسي الرئاسة، كمقاتل في قوات البيشمركة، وأن “ثلاثة ملايين صوت لصالح استقلال كردستان صنعوا تاريخا لا يمكن محوه”.
يذكر أن انسحاب قوات البيشمركة في الـ16 أكتوبر/تشرين الأول من محافظة كركوك الغنية بالنفط، سهله اتفاق بين بغداد ومسؤولين من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، المنافس للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني. وبعد ذلك بدأت القوات العراقية بالتقدم لبسط سيطرتها على معظم المناطق التي سيطر عليها الأكراد منذ العام 2003، إلى جانب المنافذ الحدودية.
من هو مسعود بارزاني
ولد في مدينة مهاباد بإيران عاصمة “جمهورية كردستان” الأولى في التاريخ وكرس حياته لتحقيق حلم إعلان دولة كردية، لكنه فشل في ترتيب أوراقه السياسية بعد الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق ليعلن تنحيه عن رئاسة الإقليم.
كان الرئيس مسعود بارزاني الذي أعلن الأحد تنحيه عن السلطة، مؤسس إقليم الحكم الذاتي لكردستان العراق، لكنه كان أيضا المسؤول الأول عن سقوط حلم الدولة بمغامرته الخطيرة في اجراء استفتاء حول استقلال الإقليم. لم يتخيل بارزاني أنه سيصل إلى اليوم الذي سيخسر فيه ما بدأ ببنائه قبل 26عاما.
فلا يزال هذا المقاتل الذي بدأ نضاله منذ كان عمره 14 عاما، مرتديا زي البشمركة التقليدي، حتى صار “أيقونة” في عيون شعب يسعى إلى دولة، بحسب ما يقول تييري أوبيرليه في صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية.
ينحدر ابن الحادية والسبعين عاما من عائلة لطالما قاتلت من أجل استقلال الأكراد، وهو ابن مصطفى بارزاني، الزعيم التاريخي للحركة الوطنية الكردية في العراق والذي حمل ايضا لقب جنرال منحه إياه الجيش السوفيتي بعد الحرب العالمية الثانية.
لم ينس أبدا أنه ولد في “جمهورية كردستان الأولى” في مدينة مهاباد الإيرانية، التي استمرت عاما واحدا فقط قبل أن تنهيها القوات الإيرانية.
في العام 1978، نجح في خلافة والده كرئيس للحزب الديموقراطي الكردستاني الذي تأسس في العام 1946. ولكن قبل ذلك كان السياسي المخضرم جلال الطالباني يقف له بالمرصاد والذي أسس في العام 1975 الاتحاد الوطني الكردستاني، كممثل للبورجوازية الكردية في المدن الكبرى، خصوصا في السليمانية، ليصبح منافسه اللدود فيما بعد.
تحالفه مع غريمه التقليدي جلال طالباني منحه فرصة سياسية نادرة
وفي خضم الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988)، تعاون الحزبان مع إيران، لكن الثمن كان غاليا. فشن صدام حسين حملة الأنفال ضد الاكراد العراقيين فهجر عشرات الآلاف منهم، وقصف حلبجة بالسلاح الكيميائي، ما أسفر عن خمسة آلاف قتيل في العام 1988. كما قدمت عشيرة البارزاني أكثر من 8000 شخص كضحايا، حيث اعتقلت سلطات نظام صدام حسين كل رجل وطفل في سن العاشرة من العمر من مناطق بارزان بشمال شرق اربيل واختفوا جميعا إلى هذا اليوم.
بعد هزيمة صدام حسين في حرب الخليج الأولى (1990)، انتفض الأكراد مرة جديدة، ولكن الأمور انقلبت ضدهم مجددا. وبعد ذلك، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار 688 الذي يحظر على القوات الجوية العراقية التحليق فوق خط العرض 36، مطالبا بإنهاء القمع ضد الأكراد.
وكانت تلك اللحظة التي ينتظرها مسعود بارزاني. فشكل كيانا مستقلا تقاسم فيه السلطة مع الاتحاد الوطني الكردستاني. بيد أن التنافس بين الزعيمين، بارزاني وطالباني، تحول إلى حرب أهلية بين العامين 1994 و1996. بعد سقوط نظام صدام حسين في العام 2003، قام الأكراد بتوحيد إدارتهم.
وعرف عن مسعود بارزاني أنه سياسي عنيد ومراوغ ومغامر إلى أبعد الحدود. آخر تلك المغامرات كان تصميمه على إجراء استفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق في 25 أيلول/سبتمبر الماضي، رغم معارضة بغداد ودول المنطقة والعالم.
غضب بغداد ترجمته الحكومة الاتحادية تقدما عسكريا باتجاه الإقليم، مستعيدة غالبية المناطق المتنازع عليها مع أربيل والتي سيطرت عليها قوات البشمركة الكردية في خضم مواجهة مقاتلي تنظيم داعش في عام 2014، وخصوصا محافظة كركوك الغنية بالنفط.
بعد فوزه في الانتخابات غير المباشرة في العام 2005، أعيد انتخاب بارزاني مرة أخرى في العام 2009 بنحو 70 في المائة من الأصوات في أول انتخابات عامة، ليبدأ ولاية جديدة من أربع سنوات. وبعد انقضاء المدة، مدد البرلمان الكردستاني ولاية بارزاني لعامين.
المصدر: وكالات
قم بكتابة اول تعليق