
بيروت
يحلو لي والسنة تودع الروزنامة أن أجلس مع نفسي قليلاً استرجع ذكريات عتاق ..و أعود الى أيام مضت يوم كانت الجامعة اللبنانية تضمنا الى صدرها كما تضم الام أولادها … الله الله ذلك الزمن الجميل يوم كانت بيروت تفرش حضنها لنا أحلاماً وحرية .. يومها كانت بيروت أم الدنيا وملجأ المضطهدين والمظلومين والعشاق والشعراء وكل طلاب الحرية .. كانت تغلي شعراً ألقاً وثقافة وكانت تتشاوف فخراً على باقي العواصم .
هذه السنة جلست مع نفسي وقلت أعيش أجواء بيروت فتحت التلفاز علي أسترجع بعض لحظات السعادة التي فقدناها لحظةتركنا تلك المدينة التي كانت معجوقة بحالها … ما زلت أذكر تلك اللحظة في مطار بيروت والرفاق في وداعي غصة رافقتني مضى عليها أكثر من أربعة عقود وما زالت .. كثيراً ما يعشق المرء ما يعذبه !
السنة تودع الوقت لتدخل في التاريخ جلست أتفرج على بيروت من خلال شاشاتها ..
عجباً وكأنني في مدينة أخرى !!! هل هذه هي بيروت التي أعرف ؟ تساءلت : المشعوذون يحتلون الشاشات ! والمنجمون يصولون ويجولون ، وعلى شاشات اخرى داعرات وقوادون ..
هل هذه هي بيروت ؟ سألت نفسي .. هل هذه هي أم الشرائع وحضارة آلاف السنين ؟ أين هي بيروت تلك ؟ بيروت أم الفقراء والشعراء .. بيروت عاصمة الجمال الحقيقي ؟ ألا تعكس الشاشات مستوى الناس ودرجة نضوجهم الفكري والإجتماعي ،
ما الذي تغير ؟ هل أنا من تغير ، أم هي بيروت قد تطورت وبقيت أنا متجمداً في اللحظة التي تركت فيها مدينتي، وأي تطور هذا أن يحدد الناس مستقبلهم بناء لترهات عراف مشعوذ ؟
شعرت بالغربة أكثر … شعرت بالحزن .. لقد أضعنا تلك المدينة الراقية الى الأبد واستبدلناها بمدينة داعرة رخيصة !!!! شعرت بالحزن لأني لو عدت يوماً فإن بيروت لن تعرفني ستنكرني أنا واحد من عشاقها الذين ما استطاعوا أن يحبوا مدينة أخرى حول العالم .. شعرت بالحزن وشعرت بالبرد .. لم يبق لنا مكان تحت الشمس نستطيع أن نناديه وطناً! أغلقت المحطات كلها … ليست هي بيروت التي نحب ليست هي بيروت التي نريد .. شعرت بالحزن .. شعرت بالخوف .. شعرت بالبرد.. كم نحن بحاجة الى ثورة ثقافية تطيح بكل ما هو قائم الأن .
قم بكتابة اول تعليق