
يعد نشاط الـ PR أو ما يعرف عربيًا بالعلاقات العامة غامضًا معظم الوقت، لكنه يظهر جليًا وبوضوح عندما تتعرض الشركة لأزمة إعلامية كبرى أو يتسبب خطأ صغير في فقدان شريحة كبيرة من المستهدفين، أو يحدث سوء تفاهم ما بين الشركاء المؤسسين والشركاء الخارجين للمنظمة؛ هنا تظهر العلاقات العامة كالبطل الخارق التي تهرول إليه المنظمات طالبة المساعدة وحينها لا ترتدي هذه الإدارة رداء البطل الخارق فحسب، بل ترتدي رداء الساحر كذلك، حيث لا تتوقف مهمتها على إنقاذ سمعة المؤسسة فحسب، بل على إصلاحها وإعادة تشكيلها وكذلك تلميعها مرة أخرى أمام الجمهور، فما هي هذه الإدارة وكيف تقوم بذلك وما هي أهميتها وتأثيرها بالنسبة للمؤسسات، كل هذا وأكثر سنناقشه خلال السطور التالية:
ما المقصود بالعلاقات العامة؟
تٌعرف العلاقات العامة بكونها الإدارة المسؤولة على تنظيم وإدارة العلاقات الرسمية بين المؤسسة والأطراف المتعاونة معها خارجيًا، بداية من الأطراف التي يتم التعامل معهم بصفة مباشرة من شركات وأشخاص، وصولًا لكل من صورة المؤسسة أمام العملاء المستهدفين وكذلك أمام الإعلام؛ لذلك يمكن تعريف العلاقات العامة بكونها المرآة العاكسة لصورة المنظمة وسمعتها أمام جميع الأطراف المتعاونة معها.
يمكن تعريف العلاقات العامة أيضًا بكونها الإدارة المسؤولة عن خلق هالة إيجابية حول صورة المؤسسة التجارية وخدماتها، بحيث تنجح هذه الإدارة في كسب التأييد الإيجابي من الجمهور المستهدف، وتعمل كحصن الأمان الذي من خلاله يتم صد جميع الهجمات والحملات الإعلانية المضادة
سيكون من السذاجة الاعتقاد بأن مساوئ السمعة لتمثيل الجلادين والطغاة، ستجعل مستشاري العلاقات العامة والشركات المسؤولة اجتماعيًّا يبتعدون، فهذا العمل محفوف بالمخاطر بالتأكيد، لكنه أيضًا مربح للغاية.

في عام 2021، انتعشت أكبر 10 شركات عالمية في مجال العلاقات العامة، وحققت إيرادات بقيمة 6 مليارات دولار، بزيادة 13% عن عام 2020، بعد أن تراجعت بنسبة 3%.
بخلاف الأرقام الرئيسية، هناك بعض الأحداث البارزة التي تشكّل نمو أكبر شركات علاقات عامة في العالم، ومن أهمها على الأرجح الأداء الذي قدمته أكبرها جميعًا شركة “إيدلمان (Edelman)”، التي تعدّ أكبر شركة علاقات عامة مملوكة بشكل مستقل في العالم، وسجّلت نموًّا بنسبة 17% لتقترب من أن تصبح أول شركة تتجاوز عتبة المليار دولار.
كانت “إيدلمان” واحدة من 6 شركات أبلغت عن نمو مزدوج الرقم (+10%) عام 2021، جنبًا إلى جنب مع الثنائي “فليشمان هيلارد” (Fleishman Hillard) و”كيتشوم” (Ketchum) التي بذلت جهودًا كبيرة لتزييف رواية الغزو الروسي لجورجيا.
بينما نمت الشركة المستقلة الأخيرة “برونزويك (Brunswick)” بنسبة 36% عام 2021، وارتفعت بنسبة 43% مقارنة بإيراداتها لعام 2019، ما عزّز قبضتها على المركز السادس خلف الخمسة الأوائل الذين لم يشهدوا أي تغييرات في الموقع.
من المتوقع أن يصل سوق العلاقات العامة إلى 130.5 مليار دولار بحلول عام 2025، بمعدل نمو سنوي مركّب قدره 10.5% خلال الفترة 2020-2025.
ووفقًا لتصنيف “PRovoke Media” لأفضل 10 شركات علاقات عامة عالمية عام 2023، قدمت هذه الشركات عامًا قويًّا آخر عام 2022 بزيادة 12%، وأبلغت عن دخل قدره 6.5 مليارات دولار، بزيادة نصف مليار دولار عن عام 2021.
من بين هذه الشركات، كان النمو لصالح الشركات الموجودة في الولايات المتحدة على وجه الخصوص، حيث شملت القائمة 7 شركات أمريكية، من بينها 6 شركات في المراكز الأولى، وحافظت الشركات الخمس الأولى على مراكزها المتقدمة التي حققتها في عام 2022.
وتوزّعت المراكز الثلاثة الأخرى بين 3 شركات: شركة “فيكتور (Vector)” اليابانية (في المركز السابع)، و”برونزويك (Brunswick)” ومقرها لندن (المركز الثامن)، وشركة (MSL) الفرنسية في المركز التاسع.
من حيث الانتشار الجغرافي، تهيمن القوى التقليدية في صناعة العلاقات العامة العالمية على تصنيف العام الماضي، حيث تمثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة معًا 10 من أسرع 15 وكالة نموًّا في العالم، ومن بين هؤلاء المتخصصين في العلوم السلوكية في المملكة المتحدة “لين (Lynn)” في المركز الأول، بعد نمو 6 أضعاف إلى 3.5 ملايين دولار، متقدمة على الشركة الأمريكية “فيكتوريوس (Victorious)”.

وفي عام 2018، سيطرت أمريكا الشمالية على حصة سوق العلاقات العامة بأكثر من 33.57%، تليها أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ، على سبيل المثال بلغت حصة الشركات الأمريكية التي تستثمر في العلاقات العامة أكثر من 35%، وبالمثل كانت استثمارات كندا في العلاقات العامة تقريبًا مساوية للولايات المتحدة، وستؤدي كل هذه الاستثمارات والتطورات إلى تسريع الطلب على سوق العلاقات العامة في الفترة المتوقعة.
وفقًا لمسح سنوي أجرته شركة “Gould + Partners” الاستشارية، ارتفعت أرباح وكالات العلاقات العامة في أمريكا الشمالية بنسبة 19.7% من صافي الإيرادات عام 2021، مقارنة بنسبة ارتفاع 18.2% عام 2020، وزيادة بنسبة 2.3% عمّا كان قبل انتشار وباء كورونا عام 2019.
كشفت النتائج أيضًا أن الربحية كانت عالية بشكل خاص في أكبر الشركات، وأن متوسط الإيرادات لكل موظف محترف بلغ 257 ألفُا و732 دولارًا، بارتفاع طفيف عن 255 ألفًا و409 دولارات عام 2020.
ووفقًا لتصنيف “IBISWorld” لاتجاهات وكالات العلاقات العامة العالمية خلال فترة 2018-2023، انكمش قطاع وكالات العلاقات العامة العالمية بمعدل نمو سنوي مركّب نسبته 0.3% خلال السنوات الخمس الماضية إلى 56.2 مليار دولار، بما في ذلك زيادة بنسبة 3.5% عام 2023، وسط توقعات بنمو صناعة وكالات العلاقات العامة العالمية في السنوات القادمة، وتسارع نمو الإيرادات خلال السنوات الخمس القادمة (2023-2028).
ومن المتوقع أن يصل سوق العلاقات العامة إلى 130.5 مليار دولار بحلول عام 2025، بمعدل نمو سنوي مركّب قدره 10.5% خلال الفترة 2020-2025، ويتمثل العمل الرئيسي الذي يدفع نمو السوق في زيادة الطلب عبر العديد من المنظمات، التي تعمل كأداة فعّالة لإدارة السمعة للعلامات التجارية والسياسيين والشخصيات العامة والمنظمات غير الحكومية، للاستفادة من نقاط قوتها في تشكيل الرأي العام.
وتعدّ عمليات الشراكة والاستحواذ من الاستراتيجيات الرئيسية التي يتبنّاها اللاعبون في سوق العلاقات العامة، ففي عام 2018 تركزت توقعات صناعة العلاقات العامة في أيدي أكبر 5 لاعبين يمثلون 52.45% من حصة السوق.
في أبريل/ نيسان 2019، استحوذت مجموعة “Publicis”، وهي شركة إعلانات وعلاقات عامة متعددة الجنسيات، على شركة “Epsilon”، حيث استفادت الأولى من هذه الصفقة بإضافة ابتكارات الشركة الثانية وتقنياتها وإبداعها في منتجاتها أو خدماتها، التي ستساعد العملاء على التغلب على المنافسة والنمو بشكل مربح.
سيأتي المزيد من التغيير في عالمنا، وستستخدم شركات العلاقات العامة الأكثر نجاحًا هذا التغيير لخدمة عملائها بشكل أفضل من أي وقت مضى، ولا عجب حينها أن من أكثر الشركات المرغوبة، هذه هي الشركات التي تساعد في تشكيل الرأي العام والسياسة وإدارة السمعة، تلك الأشياء التي يمكن أن تنمّي أو تُفسد أي عمل