
}WD كيف تبدو اتجاهات الرأي في دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط إزاء مستقبل علاقاتها مع القوى الكبرى في ضوء نتائج حرب أوكرانيا. وهل تستفيد روسيا وأوروبا من استياء ملحوظ من السياسة الأمريكية؟ قراءة في نتائج دراسة ألمانية حديثة.
انفراجات في الشرق الأوسط…هل هي مؤشرعلى تحول جوهري أم حالة عابرة؟
أن تكون تداعيات حرب أوكرانيا الاجتماعية والاقتصادية كارثية في معظم الدول العربية، يبدو ذلك أمرا ملحوظا في حياة الناس وأسعار المواد الغذائية والطاقة، لكن ما الذي يجعل قطاعات واسعة من الرأي العام والنخب المؤثرة في توجهات دول عربية عديدة بما فيها الحليفة للغرب، تولي ظهرها للولايات المتحدة وتبحث عن تبديل تحالفاتها مع روسيا رغم إدراكها لمسؤولية هذه الأخيرة في حرب أوكرانيا وتداعياتها الكارثية على دول المنطقة.
ماذا تعني السجالات المتجددة في الغرب وخارجه على إيقاع تطورات حرب أوكرانيا والأزمة مع الصين، حول سيناريو “نهاية الغرب”. فهل هي مجرد صيحات فزع عابرة إزاء أزمات متتالية أم هي استشراف فكري لتحولات تاريخية عميقة؟
في دراسة حديثة أنجزتها مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية القريبة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم في برلين، بالاستناد إلى استطلاعات آراء شملت اثنى عشر بلدا في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، تكشف (الدراسة) أن توجهات الرأي العام في تسع دول عربية وتركيا باستثناء لإيران وإسرائيل، تميل للنأي عن الصراع بين الغرب وروسيا وتفضل نهج الحياد، لكن إجابات نسب كبيرة من المستطلع آرائهم عن أسئلة تتعلق بالنظرة للقوى الكبرى ومدى الثقة فيها ومستقبل التحالفات، تحمل مفارقات ومؤشرات تبعث على التساؤل عن خلفيات التحول – بدرجات متفاوتة – في اتجاهات الرأي في العالم العربي ولاسيما في دول حليفة تقليديا للولايات المتحدة والغرب بشكل عام، مثل السعودية والإمارات ومصر والعراق وصولا إلى المغرب وتونس.
وأنجزت الدراسة اعتمادا على استطلاعات للآراء أجرتها معاهد متخصصة في شهر يناير كانون الثاني 2023، في مصر والعراق والأردن ولبنان والمغرب وقطر والسعودية والإمارات العربية المتحدة وتونس، بالإضافة إلى إسرائيل وتركيا وإيران. وشملت 5000 عينة من شرائح وفئات مؤثرة في اتجاهات الرأي في مجتمعات هذه الدول. وقدم خبراء من مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية نتائج الدراسة مؤخرا في برلين.
روسيا مسؤولة عن الحرب وتداعياتها.. لكن!
تُظهر مؤشرات الدراسة أن حوالي ثلاثة أرباع المستجوبين في معظم دول المنطقة التي شملها الاستطلاع، يعتقدون أن روسيا هي المسؤولة عن الحرب على أوكرانيا، ولكن نسبة لا بأس بها منهم يرون بأن الولايات المتحدة هي المستفيد الأول من استمرار الحرب، رغم أنها ليست مشاركا مباشرا في فيها.
وإذا كانت أعلى نسبة في اتجاه الرأي الذي يحمل روسيا مسؤولية الحرب، قد بلغت 90 في المائة بإسرائيل، تبدو نتيجة غير مفاجئة بحكم علاقة التحالف الوثيقة مع الولايات المتحدة، فإن بلوغ النسبة 70 في المائة بإيران يعتبر مفاجئا، في بلد تربطه علاقات تحالف وثيقة مع روسيا ومزودا كبيرا لها بالسلاح في هذه الحرب.