مقاتلون انفصاليون يحاصرون القصر الرئاسي في عدن

رغم إعلان الداخلية اليمنية وقف إطلاق النار، إلا أن انفصاليين جنوبيين واصلوا في عدن القتال وسيطروا على معظم أنحاء المدينة الساحلية، حيث يحاصرون في قصر الرئاسة وزراء من الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.

تشهد مدينة عدن اليمنية صراعا بين القوات المؤيدة للشرعية وميليشيات مسلحة. الحكومة اليمنية وجهت أصابع الاتهام للإمارات بتمويل الميليشيات الانفصالية. فهل الصراع يمني يمني أم هو صراع أجندات اقليمية بين السعودية والإمارات؟

قال سكان، اليوم الثلاثاء (30 يناير/كانون الثاني 2018)، إن انفصاليين يمنيين جنوبيين سيطروا على مدينة عدن الساحلية بعد يومين من القتال ويحاصرون حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليا داخل قصر الرئاسة. وتهدد الاشتباكات بين الانفصاليين الجنوبيين المدعومين من الإمارات والقوات الموالية للحكومة اليمنية المدعومة من السعودية بعرقلة جهودهما المشتركة لقتال جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران في شمال اليمن.

 ي في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية ويدعم حكومة هادي منذ أن سيطر الحوثيون على معظم أنحاء البلاد بما في ذلك العاصمة صنعاء قبل ثلاثة أعوام. وحكومة هادي تتمركز في عدن.

وقال سكان إن قوات موالية للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي تشكل العام الماضي لإحياء دولة جنوب اليمن المستقلة السابقة، سيطرت على آخر معقل لقوات الحماية الرئاسية في منطقة دار سعد بشمال عدن اليوم بعد قتال شمل في بعض الأحيان نيران المدفعية الثقيلة والدبابات. ونشر نشطاء صورا على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر علم اليمن الجنوبي يرفرف فوق بوابة القاعدة. وكان اليمن الجنوبي اتحد مع اليمن الشمالي في عام 1990.

وقال سكان إن مقاتلي المجلس الانتقالي الجنوبي من قوات المقاومة الجنوبية سيطروا في وقت سابق على مواقع لقوات الحماية الرئاسية في منطقتي كريتر والتواهي في وسط عدن. وأضافوا أنهم توقفوا خارج قصر الرئاسة في معاشيق حيث مقر حكومة رئيس الوزراء أحمد بن دغر.

وقال شهود إن مئات الأشخاص رقصوا وغنوا احتفالا بانتصار مقاتلي المجلس الانتقالي الجنوبي وأضاءت الألعاب النارية سماء عدن ليلا. وردد الحشد هتافات تطالب بعودة دولة اليمن الجنوبي المستقلة. وقال السكان إن المساجد في كريتر مزجت بين رفع الآذان والتهنئة بالنصر.

«بلومبرج»: الولاءات تتبدل في حرب اليمن.. هل نشهد تمزق تحالف السعودية والإمارات؟
في تقرير لهما على موقع شبكة «بلومبرج»، قال محمد حاتم وزينب فتاح إن الأحداث التي تشهدها عدن الآن تشير إلى أن شهر العسل بين السعودية والإمارات قد انقضى، وذلك بعد أن طالب المجلس الانتقالي في الجنوب الراغب في الانفصال الرئيس هادي بتغيير الحكومة.
وأوضح معدا التقرير أن «عاصفة الحزم» التي تقودها السعودية لاستعادة الشرعية في اليمن المجاور تمر بأزمة جديدة، في أعقاب اشتعال اقتتال بين فصيلين يحاربان على جانب المملكة. وقد تؤدي المواجهات في عدن جنوب البلاد، حيث مقر الحكومة اليمنية المؤقت، إلى إضعاف التحالف الذي بنته الرياض في صراعها بالوكالة مع المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران. وقد أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن 36 شخصًا قتلوا وجرح 185 آخرين خلال يومين من المعارك.
اقرا أيضًا: «فرّقتْ بين المرءِ وزوجِه».. كيف حطّمت الأزمة الخليجية حياة آلاف المواطنين؟
كان المجلس الانتقالي الجنوبي قد دعم الحملة السعودية – كما يشير التقرير – لكنه طالب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بتغيير الحكومة التي اتهمها بالفساد متوعدًا بإسقاطها حال رفض الأخير. وعندما رفض هادي الامتثال، قام الانفصاليون بتنظيم مظاهرات مناهضة للحكومة واشتعل القتال.
تتعدد الفصائل في الحرب اليمنية، وغالبًا ما تتغير الولاءات. تقول نهى أبو الدهب – زميلة زائرة في معهد بروكنجز الدوحة – إن الانفصاليين مدعومون من الإمارات حليفة السعودية، وأن القتال في عدن قد يدل على تزايد التوترات في التحالف.
حذر التحالف العربي من أنه لن يقف متفرجًا إزاء ما يجري، ودعا إلى وقف فوري للاشتباكات. وينقل التقرير عن صحيفة الغد في عدن قولها إن طائرات حربية تحلق فوق القصر الرئاسي في المدينة لوقف تقدم القوات الانفصالية.
مشاعر انفصالية
أشارت نهى إلى أنه «بعد ثلاث سنوات تقريبًا، لن يكون من المستغرب رؤية عقد التحالف ينفرط». إذا كانت الإمارات تتعرض لضغوط لإعادة التفكير في دعمها للانفصاليين، فإن جماعات المقاومة الجنوبية التي لعبت دورًا هامًا في طرد الحوثيين من عدن يمكن أن تنقسم.
كانت عدن عاصمة دولة منفصلة في جنوب اليمن قبل التوحيد مع الشمال في عام 1990 – ينوه التقرير – وبسبب مشاعر الاستياء من التهميش والقمع، ازدادت المطالبات بانفصال الجنوب. فشل التحالف الذي تقوده السعودية في الانتصار منذ تدخله في 2015 لاستعادة حكومة هادي المعترف بها دوليًا.
تتهم السعودية إيران بتسليح الحوثيين ودفع مليارات الدولارات في النزاع. وقد ثارت مخاوف من مواجهة عسكرية مباشرة بين البلدين على إثر الصواريخ الباليستية التي أطلقها الحوثيون مرارًا صوب المملكة. بيد أن طهران تنفي دعمها للمتمردين الحوثيين عسكريًا.
غياب استراتيجية واضحة
إذا اشتعلت المواجهة في مدينة عدن الاستراتيجية، فمن المرجح أن تجلب المزيد من البؤس لملايين اليمنيين الذين يواجهون الجوع والدمار. ومن شأن استمرار القتال أن يزيد من صعوبة توزيع الإمدادات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها. إلى جانب وباء الكوليرا الذي فتك بالآلاف والمجاعة التي تضرب البلاد.
اقرأ أيضًا: السعودية والإمارات.. وصناعة وهم السعادة والترفيه
تشير التوترات في عدن إلى أن ثمة خلافًا بين السعودية والإمارات – كما يوضح مُعدِّا التقرير. وقد فشلتا في وضع استراتيجية سياسية وعسكرية واضحة للجنوب، وفقًا لما قاله يزيد صايغ، الزميل البارز في مركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت.
وقال الصايغ: «إن الإماراتيين والسعوديين يعملون بطرق مختلفة على الأرض داخل اليمن. وانتهى بهم المطاف إلى دعم مجموعات تتعارض مصالحها».

ف.ي/أ.ح (رويترز، ا ف ب، د ب ا)

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن