
كنت أتمنى أن أتمكن من معالجة مسألتي في الإدارة خلف الكواليس وأن لا أضطر الى قول م اسأقوله ، لكن الظلم بلغ حداً لا يطاق ، والصبر لا يكون إلا مع من يرى الصبر جميلا..
على مائدة الإفطار الرمضاني في منزلي ليل 24\1\1999 أخبرني وأخبر ضيوفي الآخرين وزير الإعلام-عضو كتلة التنمية والتحرير أنور الخليل أن الجلسة السابقة للحكومة شهدت عرضاً لأوضاع المدراء العامين وأنت منهم وقد أشاد معظم الوزراء بأدائك إضافة الى تقارير الهيئات الرقابية التي أشادت أيضاً بنزاهتك الإدارية وإنجازاتك الإعلامية..وفي اليوم التالي أي 25\1\1999 وبينما كنت أتابع من مكتبي مقرارات مجلس الوزراء التي كان يتلوها الوزير نفسه فوجئت بورود إسمي ضمن المدراء العامين الذين وضعوا بتصرف رئيس مجلس الوزراء . إنتظرت عودة الوزير الخليل الى مكتبه وسألته عن المستجد الذي أعاد ملفي الى طاولة مجلس الوزراء ووضعني بالتصرف ، فأجابني بسؤال : هل لديك مشكلة مع الرئيس نبيه بري فأجبته بالنفي ، فَرَّدَ : الأفضل أن تتحدث معه.
كانت تلك الإشارة الأولى التي أرشدتني الى من كان يقف خلف هذا القرار الظالم والذي مازال يقف حتى الساعة في وجه تنفيذ أحكام مجلس شورى الدولة الخاصة بي والتي أبطلت هذا القرار وكأنه لم يكن .
بادرت بصمت وتكتم الى تقديم شكوى أمام مجلس شورى الدولة في اليوم الأخير من المهلة المتاحة قانوناً ، وبدأت جولات اللوائح المتبادلة بيني عبر وكيلي المحامي الدكتور زياد رامز الخازن وبين الدولة ممثلة بهيئات الرقابة كافة التي لم تجد ماتواجهني به ، الى أن صدر القرار-الحكم بتاريخ 7\5\2002 الذي نص على إبطال مرسوم وضعي بالتصرف والذي فوجىء به الرئيس بري كوني لم أعلِمه بموضوع مجلس شورى الدولة.. حينها كان الأستاذ غازي العريضي وزيراً للإعلام فزرته وقدمت له القرار ، فبادر الى زيارة الرئيس بري مستفسراً عن مايجب أن يتخذ من إجراءات حول هذا الموضوع فكان جواب بري له “أن يقبل طلبي لجهة إستعادة تعويضاتي الشهرية كمفوض للحكومة في تلفزيون لبنان ولم أستعدها حتى اليوم ، وأن يترك موضوع عودتي الى موقعي كمدير عام لوزارة الإعلام له”..
* وفي العام 2003 ، أثار الرئيس الراحل رفيق الحريري موضوع الضمان الإجتماعي وعرض على الرئيس نبيه بري سلة مبادلة بعض المواقع الإدارية العائدة للطائفة الشيعية بأخرى ومن ضمنها تعييني في المديرية العامة للإقتصاد ، وسعى كذلك الوزير العريضي آنذاك بالتنسيق مع بعض القيادة السورية التي كانت معنية بمعالجة الأمر بين الحريري وبري ، فإذا بالأخير يختفي ليظهر لاحقاً أنه زار غازي كنعان في عنجر ونسف المبادلة بكاملها وبالأخص منها تطبيق أحكام مجلس شورى الدولة المتعلقة بي وإعادتي الى موقع إداري آخر موازٍ كالمديرية العامة للإقتصاد !
فوجئت لاحقاً أن الدولة قد طلبت إعادة المحاكمة وهو أمر لم يحصل آنذاك إلا ضدي حصراً ، لكن مجلس شورى الدولة مالبث بتاريخ 12\1\2004 أن رد طلب إعادة المحاكمة هذا وبالتالي أكد قراره السابق .
* بتاريخ 7\2\2004 لم يجد الرئيس نبيه بري مفراً من فصلي من تنظيم الحركة دون أي مسوغ سوى إتهامي بمخالفة التعليمات التنظيمية لأني نشرت مقالين في جريدة “النهار”، الأول حول قضية الإمام القائد السيد موسى الصدر لمّحت فيه الى بعض الصلات التجارية مع أركان من نظام القذافي زاروا بيروت ، والثاني حول آليات عمل مجلس النواب !
* بتاريخ 20\1\2006 أرسل مدير عام مجلس الوزراء آنذاك القاضي الدكتور سهيل بوجي مطالعة الى مجلس الوزراء ، جاء في بعض نصوصها ” إلزام الإدارة بإعادة هذا الموظف الى وظيفته التي أزيح عنها بصورة غير مشروعة وذلك بمفعول رجعي يعود الى تاريخ إزاحته”، لكن أحداً لم يستجب !
* وفي وقت لاحق ، حاول بعض ممثلي الكتل النيابية إقرار إقتراح قانون يلزم الحكومة بتنفيذ أحكام مجلس شورى الدولة دون مماطلة ، لكن هؤلاء نسوا أن من يعيق فعلاً تنفيذ مثل هذه الأحكام هو رئيس السلطة التشريعية الذي تمكن كالعادة من إيداعه في أدراج مشاريع وإقتراحات القوانين التي لاتتناسب مع مصالحه .
* بتاريخ 30\4\2014 ورد الى رئاسة التفتيش المركزي كتاب من رئيس مجلس الوزراء تمام سلام يطلب فيه التحقيق معي حول إدلائي بتصريحات سياسية وإجراء مقابلات ونشر مقالات والمشاركة بتأسيس هيئة تدعى “التيار الإصلاحي” ، فإستجبت فعلاً لطلب الإستجواب وأبديت ملاحظاتي حول هذا الطلب والتي جاء في بعضها “أن هيئة التفتيش تجرؤ على التحقيق معي في حين تتغاضى عن التحقيق مع الأستاذ هيثم جمعة مدير عام المغتربين الذي يشغل موقع نائب رئيس الحركة والأستاذ قبلان قبلان رئيس مجلس الجنوب والذي يشغل أيضاً موقع عضو هيئة الرئاسة وهما يلقيان خطباً ويدليان بتصريحات..في حين أنني ليس لدي أية وظيفة حزبية وموضوع “التيار الإصلاحي” ليس سوى تسمية أطلقها علي بعض الإعلام نظراً لمعارضتي لمنظومة الفساد والهيمنة في سلطة مابعد الطائف .. وفي بادرة شخصية منه ، تواصل رئيس إحدى الكتل النيابية البارزة مع رئيس هيئة التفتيش حينها جورج عواد لسؤاله عن خلفية هذا الطلب خصوصاً وأنها ليست المرة الأولى التي أدلى فيها بتصريحات أو أجري مقابلات أو أنشر مقالات تتعلق بالمقاومة وبالعدوان على سوريا ، فكان رده أن هذا الطلب جاء بتحريض من رئاسة المجلس النيابي ، وأنه لاحول له ولا قوة ومضطر لإستكمال التحقيق وأن المطلوب منه إحالتي الى الهيئة العليا للتأديب !
لكن قرار هيئة التفتيش الذي صدر قضى بحسم 10 أيام من راتبي ومن دون إجماع ، إذ رفض المفتش العام المالي-عضو هيئة التفتيش المركزي الأستاذ صلاح الدنف الموافقة على الأمر برمته مستنداً الى ماورد في كتاب نقيب الصحافة الراحل الأستاذ رياض طه “إن على الدولة إما تأمين إحتياجات الناس،أو السماح لهم برفع الصوت عالياً للمطالبة بهذه الإحتياجات”، وداعياً الى إلزام السلطة تطبيق أحكام مجلس شورى الدولة .
أيها الإعلاميون الأعزاء ، هذا بعضٌ قليلٌ مما حصل معي والوقائع المشابهة كثيرة جداً وسأتحدث عنها لاحقاً . لن أكرر نص الماد 93 من نظام مجلس شورى الدولة ، لأن المهلة المعقولة التي كان من المفترض أن تقوم السلطة خلالها بتنفيذ الأحكام المُلزِمة الصادرة عن هذا المجلس لصالحي تمددت لتبلغ هذ المهلة حتى الآن 14 عاماً .
قال الإمام موسى الصدر في 22\12\1977 في معرض توصيفه للإقطاع السياسي وبعض السلطة آنذاك : “الأموال العامة إنتقلت من بيوت المال الى خزائن السلطان،والمراكز تحولت من الأكفياء الأتقياء الى أزلامه، لاقيمة للإنسان ولا لحريته وحياته عندما يغضب عليه الحاكم “
قم بكتابة اول تعليق