
مقالات المشرة منذ اليوم الأول لعملية “طوفان الأقصى”، طُرحت الكثير من الأسئلة حول مستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو السياسي، بسبب التداعيات الكبيرة التي تركتها العملية، في حين هو، بالنسبة إلى الداخل الإسرائيلي، يتحمل المسؤولية عما حصل، ما دفعه في البداية إلى رمي المسؤولية على القيادات العسكرية والأمنية، قبل أن يضطر إلى الإعتذار عن ذلك.
إنطلاقاً من حجم العملية، ذهب الجانب الإسرائيلي إلى وضع سقوف عالية لعملياته الإنتقامية، كمثل القضاء على حركة “حماس”، بالرغم من أنه يدرك جيداً أنها غير قابلة للتحقق من الناحية العملية، لكنه أمام جمهوره لم يكن قادراً على الحديث عن أهداف أقل من ذلك، خصوصاً أن “طوفان الأقصى” ضربت نظرية الكيان الآمن.
في هذا السياق، تشير مصادر متابعة، عبر “النشرة”، إلى أن نتانياهو إستفاد من حجم التأييد الغربي غير المحدود الذي حصل عليه، لكن مستوى المذابح بالابادات الجماعية والجرائم الذي ذهب إليه الجيش الإسرائيلي دفع بالعديد من الدول إلى مراجعة موقفها، إنطلاقاً من أن ما يحصل تخطى مبدأ “حق الدفاع عن النفس”، وبالتالي لم يعد من الممكن تغطيته أمام الرأي العام الدولي.
بالتزامن، تلفت المصادر نفسها إلى أنّ محور المقاومة نجح، بشكل أو بآخر، في فرض توازن، دفع الولايات المتحدة إلى بدء التفكير بالتداعيات التي قد تترتب على إستمرار الحرب أو توسعها، وهو ما كان قد عبر عنه الرئيس جو بايدن، خلال زيارته تل أبيب، من خلال نفي أن تكون بلاده قد تعهدت بالتدخل في حال دخول “حزب الله” الحرب، من دون تجاهل مواقف بعض الدول العربية، التي رفضت ما طرح عليها من مشاريع من جانب الولايات المتحدة.
من وجهة نظر هذه المصادر، هذا الواقع هو الذي يقود واشنطن إلى التفكير في كيفية إنهاء الحرب، بشرط ضمان حصول إسرائيل على إنتصار ولو شكلي، بالرغم من أنّها على المستوى العلني لا تزال ترفض ذلك، حيث تكتفي بالحديث عن هدنة إنسانيّة، وهو ما يتأكد من خلال النقاشات التي تخاض مع العديد من الجهات العربية، حول إدارة قطاع غزة في المرحلة التي تلي وقف العدوان.
في هذا الإطار، قد يكون من المنطقي السؤال عن الموقف الإسرائيلي، تحديداً نتانياهو، في حال حصول أي تقدم على مستوى الموقف الأميركي، إنطلاقاً من معادلة أن إنتهاء الحرب سيفتح الباب أمام المحاسبة السّياسية التي سينتظرها، وهو ما قد كشفه إستطلاع رأي إسرائيلي، أظهر أن 67% يعتقدون أنه يجب أن يستقيل فوراً أو في نهاية الحرب، ومن بين هؤلاء يعتقد 47% أنه يجب أن يرحل بعد انتهاء القتال، بينما يرى 29% برحيله فوراً، في المقابل يرى 18% أنه يمكن له أن يستمر في منصبه بعد انتهاء القتال.
بالنسبة إلى المصادر المتابعة، رئيس الوزراء الإسرائيلي يواجه أخطر مرحلة من حياته السياسية، لا سيما أنه في الأصل كان يصطدم بمعارضة داخلية كبيرة، وبعد “طوفان الأقصى” توسعت رقعتها إلى حد بعيد، وهو ما قد يصعب عليه التراجع عسكرياً مهما كانت الضغوط، نظراً إلى أن ذلك، في ظل الفشل في تحقيق أي “إنجاز”، سيقود إلى تسريع خطوات التخلّص منه، وهو ما قد يكون هدفاً لإدارة بايدن التي كانت، قبل “طوفان الأقصى”، على صدام معه.
هذا الواقع، يدفع المصادر نفسها إلى طرح الكثير من علامات الإستفهام حول ما إذا كان نتانياهو في وارد الهروب إلى الإمام، عبر خطوة قد “تورط” المنطقة بالحرب الشاملة، لتفادي دفع ثمن “طوفان الأقصى” سياسياً، خصوصاً بعد المبادرة إلى ضرب أهداف مدنيّة في جنوب لبنان، رغم التحذير الذي كان قد أطلقه أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله قبل أيام، وبالتالي إختبار ما إذا كانت الولايات المتحدة ستذهب إلى دخول الحرب.
في المحصّلة، تشير هذه المصادر إلى أن المصلحة الإسرائيليّة تكمن بعدم الذهاب إلى هكذا مغامرة، خصوصاً في ظلّ عجزها عن تحقيق أيّ إنتصار على جبهة غزة، ما يعني أن الواقع على جبهة الجنوب لن يكون أفضل حالا، لكنها في المقابل تلفت إلى أن مصلحة نتايناهو قد تكون في مكان آخر، خصوصاً في ظل حجم المخاطر التي يواجهها.